تخيّل انتحاراً اجتماعياً من خلال "فايسبوك".
يوماً ما، بعد أن تكون قد نشرت "ستاتوساً" لامعاً، دون أن يهتمّ بكّ أحد (ثلاث لايكات فقط، من ضمنهم والدتك)، تقرّر أن تصير صريحاً تماماً على الشبكة الافتراضية.
تفتح الصفحة الرئيسية، حيث تظهر أفعال الأصدقاء الافتراضيين الستمئة المسجّلين لديك (ستمئة صديق؟ حقّاً؟)، وتحدث نفسك: سأريكم!
هذه تضع صورةً لأولادها وهم يلعبون في القرية. عظيم، ستبدأ من هنا. تعلّق: "أنتِ بالتأكيد أمّ عظيمة، لكن بصراحة ما الفرق بين فلاعيصك وبين باقي فلاعيص الكرة الأرضية؟ أنّهم يلعبون كرة القدم؟ فهمنا، ما هذا الإنجاز". ناقص 30 صديقاً.
هذا يضع "ستاتوسا" يبدو أنّه يناديك أنت تحديداً: "شتاء، مدينة، ليل، وغداً ستزقزق العصافير". تحت اللايكات الأربعين وقلوب المعجبات والمعجبين، تنفث سمومك: "هذا شعر أو نشرة طقس؟ سؤال جدّي!". ناقص 80 صديقاً.
هاتان تقيمان "صبحية" علنية، وتعليقاتهما تتالى وراء بعضها البعض:
"تجي لعندي؟". "لأ، خلينا نلتقي بالقهوة". "بعد سهرة مبارح، ما بعرف إذا شكلي شكل حدن بيقدر يمشي بين الناس". "هاها، شو ضحكتيني بس كبيتي الكولا ع الشيبس، بعدني لهلق غشيانة..". و"هاهاها" و"هي هي هي". تصل إلى هنا، إلى هنا فقط. تعلّق: "حياتكم الاجتماعية مثمرة جدّاً، بس يا ريت ما بتشاركوا فيها البشرية، في شي اسمه انبوكس، وشكراً". ناقص 150 صديقا.
أنت شخص لئيم وحقود، ولا تفهم أساس الـ"فايسبوك".
"فايسبوك" عالم افتراضي، لكنّه أيضا يشبه الحياة التي نضطر فيها لإلقاء التحية على أشخاصٍ لا نعرفهم كثيراً، لأنّ "أحداً لا يعرف ما الذي يمكن أن يحصل"، ولأن طبيعتنا هكذا، نحبّ أن نكون محبوبين ونخاف من الوحدة.
بالمناسبة، هذه اعترافات لأناس حاضرين على الشبكة، كتبوا "اعترافاتهم"، وأسرارهم، التي ليسوا فخورين بها بالضرورة. اللايكات التي يضعونها مجاملة، الصور التي ينشرونها ليظهروا أنّ حياتهم "كوول"، الـ"ستاتوسات" الذكية التي يكتبونها ليظهروا مدى ثقافتهم، و"الاستشعارات" التي يمرّرونها ليظهروا جانبهم الحساس.
إن كنت تقرأ هذه السطور الآن، فلا بدّ من أنك قد اطّلعت (أو ستفعل) على بعض الاعترافات المنشورة على امتداد صفحتي الملحق الأسبوعي (أو في صفحة الملف هنا). هذه مقالاتٌ بلا أسماء ومجهولة الكتاب، لأنّ الحياة "الاجتماعية" مستمرّة. نتمنى أن تليّكوا هذه المقالات على صفحة "شباب السفير" على "فايسبوك".
والآن، بعد قراءة كلّ هذه النصوص والاعترافات، لا بد من أنك قد تشجّعت لتشاركنا باعترافاتك الخاصة حول سلوكك الفايسبوكي.
لذا نفتح الباب لمشاركتنا الاعترافات حول "فايسبوك". وإن كنتم غير مبالين بالحفاظ على "سرّية" اعترافاتكم، يمكنكم إرسال مشاركتكم بأسمائكم الحقيقة ببساطة. أما إن كنتم متردّدين بنشرها، فيمكنكم إنشاء بريد الكتروني وهمي، وإرسال المشاركات عبره، ببساطة أيضاً، تماماً كما فعل بعض الأصدقاء الافتراضيين الذي قرأتم اعترافاتهم هنا.
ترسل المشاركات عبر البريد الالكتروني المعتاد: [email protected]