الحياة نهر يجري. قُلت ذلك وأنا أنظر لنفسي، أجري خلفه، لاهثًا لا أقدرُ على الوصول لنقطةٍ فيه. الحياة نهر، أقف على ضفته، قُلت هذه الكلمات وأنا أحدّثها ذاك الصباح، ورحتُ أصوّر لها نفسي على ضفته، أجلس محاولًا الارتواء منه، أن أغتسل في مياهه مرّةً، لكنه كان يجري، ولا يترك لي الفرصة كي أمسك بماءه ولو قليلًا. يجري الماء، يُصرّ ألّا تلمسه يداي. تقفز كل الآمال في النهر، وتجري معه سريعًا، أيضًا لا أستطيع اللحاق بها. أرى الناس يهربون، يحملهم النهر إلى ضفةٍ أخرى، وأبقى عالقًا وحدي على ضفته الحاليّة. أرى الأيام تجري، أول، ثاني، ثالث.. تاسع، عاشر. مضت، وأنا لا أزال أجري، ألهث، كيف يتوقف النهر كي ينظر إليّ؟ هل يفهم أنّي هُنا، لا زلت أنتظر منه واحد من خيارين، أن يضمّني فيه، يأخذني إلى مجراه، وينقلي إلى ضفةٍ أخرى هادئة، أو أن يسمح لي ولو مرّة أن يروي ماءه عطشي للحياة. أو ربما أن يُعيد إليّ ما أخذ، وسأهرب بعيدًا عن هذا النهر. ربما في بحيرةٍ صغيرة، تغنيني عنه.
الحياة نهر. قُلت ذلك، وفجأة رأيت الدم يجري في داخله، أرى الأحلام تتقافز مع مجراه، والناس لا زالوا يهربون مع النهر. والنهر مليء بالدم، قالوا لي: إن الغزلان تموت في النهر. تُذبح، ثم تُرمى. ومن يوم أن عرفت الحياة الغزلان كانت تُرمى في النهر، ثُم تُذبح.
قلت: يا الله، لماذا تضع مصير هذه العزلان في واحد من خيارين، أن تُرمى في هذا النهر البائس، الذي يجري دون توقف، أو أن تُذبح، ويجري دمها في مجرى النهر!