الحكومة لا تعرف الحب.. في غزّة
 
إعداد: رواند عيسى
من المستحيل وضع حد للـ"غرافيتي"، إذ أنّ هدفه هو التجديد والتحدي، وإزالته تعني اعلاناً لرسم لوحة جديدة.
على جدار رمادي، تظهر آثار كلمات باللون الأزرق خلف طلاء أبيض دُهن لمحوها. فوق الطلاء الأبيض "غرافيتي" جديدة رشّت بالأسود، تقول: "الحكومة لا تعرف الحب".
في صيف 2014، أصدرت حكومة إبراهيم محلب قراراتٍ كان من المفترض أن تستجيب للمشاكل التي يعاني منها الشباب. لكنّ هذه القرارات غفلت عن أزمة البطالة وأسعار الشقق السكنية الباهظة، التي تمنع الشباب من الزواج أو مجرّد التفكير بالارتباط حتّى. كردة فعل على ذلك، أتت "غرافيتي" "الحكومة لا تعرف الحب". انتشرت صورتها بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين استخدمها بعض الشبان كرسالة اعتذار ساخرة لشابات ينتظرنهم للتقدم للزواج لصعوبة، وذلك لصعوبة إيجاد عمل يغطي أسعار السكن.
للـ"غرافيتي" تاريخ حافل في فلسطين، ازدهر في الثمانينيات خلال الانتفاضة الأولى حيث كان يستخدمه المنتفضون للإعلان عن بيانات وتحذيرات لأهالي المخيّم، إضافةً إلى تحديد مواعيد الإضرابات ونشر أسماء الشهداء والعملاء. لم يرتح الاحتلال للـ"غرافيتي" الفلسطيني، فأنشأ وحدة خاصة عرفت باسم "وحدة المستعربين"، أو "شمشون"، لتلاحق كل من يرش على الجدران. جبرت "شمشون" عدّة مرات الأهالي الفلسطينيين على مسح الكتابات من على الجدران، وقد حاولت أيضاً منع بيع الدهان في الأسواق. بعد فشل محاولات الحد من الـ"غرافيتي"، لجأ المستعربون إلى سيارات خاصة لرش الجدران بالقار الأسود، ممّا صعب الرش على الجدران، لكن دون أن ينجح في إيقافه. حتى يومنا هذا يعتبر الـ"غرافيتي" في فلسطين تحدّياً كبيراً للاحتلال الإسرائيلي، فهو يستخدم للتواصل ونشر الأخبار خلال فترات حظر التجوّل.
عام 2002، بدأ الاحتلال ببناء جدار الفصل العنصري بين الضفة الغربية والمستوطنات الإسرائيلية، فغزاه فنانو الشارع برسوم الـ"غرافيتي" المندّدة بالجدار وبالاحتلال. وقد شارك الفنان البريطاني المجهول "بانكسي" بعدد من الرسومات على جدار الفصل، تندّد بسياسات الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني. من هذه الرسوم، صورة لفتاة تحمل بيدها بالونات وتطير بها إلى خلف الجدار، طفلة تأخذ دور العسكري وتقوم بتفتيشه، وشاب يحاول سحب الجدار كأنه قطعة قماش ليظهر من خلفه سماء زرقاء وأشجار..
عودة إلى "غرافيتي" الحبّ